الاثنين، 2 يناير 2012

وقائع ماريوت.. مرآة لأزمة الثقافة لدى المثقفين السعوديين







خاص عن ملتقى المثقفين السعوديين الثاني (1- 4 / صفر/ 1434هـ الموافق: 26-29/ ديسمبر/2011)، بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض.


وهكذا انتهى ملتقى المثقفين الثاني بفندق ماريوت في الرياض، وتبعثرت الباقية من الأوراق الساترة للثقافة في العديد من جوانبها. ويبدو أننا بصدد إصدار تعريف للثقافة والمثقفين خاصة بالمجتمع السعودي. حيث أصبحت كلمة ثقافة لا تزيد عن القضايا النخبوية أو الفرعية للمرأة، ونسوا وتناسوا قضاياها الجوهرية. حقوق المرأة المكفولة شرعا ونظاما حق واجب الوقوف معه من جميع شرائح المجتمع. لكن أن نحصر غالب نقاط الملتقى بالحقوق الغير جوهرية، فذلك ضرب من ضروب الضياع للوقت والجهد.

طريقة توزيع الدعوات، والاختيارات المحسوبة على طائفة أو قسم دون آخر، وذلك لتصفية الجو المناسب لنقاش تلك المحاور التي لا يمكن أن يناقشها البعض لو حضر. طريقة خاطئة لمعالجة مواقف متشددة خاطئة أيضا. فالبعض يجد أن من الحوار أن لا يتم مناقشة هذه المحاور جملة وتفصيلا، ويدعي أنه يحاور!! بالمقابل عملية الإقصاء هذه التي جرت عن عمد وسبق تخطيط وترصد كانت أولى فضائح المحسوبين على الثقافة.

وبغض النظر عما وقع في ذلك اللقاء، وعن غياب البعض عن الجلسات الذي جعل بعضا من القاعات خالية تماما لأعذار مختلفة، لنقف على تصرفات العديد من المحسوبين على الثقافة في مجتمعنا السعودي.



يعتقد غالب المنتمين للسلك التعليمي بالجامعات والبعض الآخر المنتمي للتعليم العام أن وجودهم في هذا المكان هو بمثابة الاعتراف لهم بالثقافة، وهناك فرق شاسع وبون واسع بين المتخصص والعالِم، وبين المثقف. بل ومنهم الذي يتعامل مع طلابه تعاملا فضا غليظا. ولا يعترف بمبدأ الحوار والمناقشة وإبداء الرأي والرأي الآخر. في المقابل تجده في اللقاءات مرهف الحس وجيّاش المشاعر. حديثه يدور عن دور الفن الراقي والحوار المهذب في الرقي بالمجتمعات، والبعد عن الصدامات!! عجبا، كلماته تجاه طلابه - الذين لا يجدون وقتا للحديث معه ضمن صميم عمله رغم وجود وقت مخصص لهم محفوظ نظاما- لا تعدوا عن كونها "عندك موعد مسبق أو انقلع"، "عجّل عليّ"، وأكثرها أدبا: "خير وش تبي توصله أنت وتفاهاتك؟"!! ومثله المثقفات أيضا وإن زدن عنه بـ: "شوفي وجهك بالمراية قبل لا تقابليني". حقا مظاهر خداعة.

مثقف أخر يحسب مثقفا، بينما هو مشهور بدماثة أخلاقياته وفض سلوكه في عيادته مع الكل. بدءً بالمريض وانتهاء بالمنظفين والمنظفات. ولئن سألته يجيبك بأن هذا فن من فنون الإدارة، والميزان السوي لإدارة أمور العيادة.!! وعند تواجده في الملتقى، تراه يتنقل في أحاديثه من فتاة لأخرى، وتجدهن (البعض منهن) مائلات مميلات لإثبات حضورهن بدنياً، أما ثقافيا، فلا يعدون عن كونهن ببغاوات مرددات لكثير من المواضيع الضحلة المطروحة بأروقة الانترنت فقط.

كذلك هناك كاتب مشهور، حديثه دائما عن مثاليات الوطن، وحقوق المواطن، وأخلاقيات المجتمع، وعندما تناقشه وتتحدث معه بما لا يجيد، تتحول كلماته بمعظمها لأن تكون من "السرّة إلى الركبة". فهو لا يعرف أن يقول لا أعلم، أو سامحك الله، أو اجعل لي فرصة للبحث والتحري.!! أو على الأقل التزام الصمت وعدم التعليق.

البعض من المحسوبات على الثقافة، تجد حياتهن الشخصية مبعثرة، وليس لهن منهج حياة واضح، ولا يُجدن فن التعامل مع العائلة، فكيف بهن ليتحدثن عن قضايا المجتمع، ومع الجنس الآخر اللاتي ضيعتهن وأضاعتهن في بيوتهن؟!. بل وأدهى من ذلك وأمر، أن تجد منهن من ليس لهن أولويات منطقية للقضايا المطروحة للنقاش أو التي نذرن أنفسهن للدفاع عنها!!.

إن الثقافة سلوك حضاري مهذب، وأخلاقيات عالية، ومنهج حياة سامِ، تجعل من صاحبها أو صاحبتها مثالا وأنموذجا يحتذى بهم في مجال التخصص أو مكان التواجد والعمل. ولئن ظهر عكس ذلك من أي مثقف وأ مثقفة، فإن الثقافة - دينية كانت أو علمية بحته، أو إقتصادية أو إجتماعية وغيرها - منهم براء إلى أن يعودوا إلى حِلمهِم وعدل عقولهم وسلوكهم. إلا أن تكون تلك الثقافة المستقاه هي ثقافة مشئومة وسوء خلق وتعدٍ على الآخرين وحقوقهم، فتلك ثقافة الغاب المنبوذة، وموضوع آخر يحتاج للعلاج والكي أحيانا، وإن كنت أتحفظ على أن يطلق على تلك السلوكيات اسم ثقافة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق